سورة هود - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


{قِيلَ يانوح اهبط بسلام مّنَّا} انزل من السفينة مسلماً من المكاره من جهتنا أو مسلماً عليك. {وبركات عَلَيْكَ} ومباركاً عليك أو زيادات في نسلك حتى تصير آدماً ثانياً. وقرئ: {اهبط} بالضم {وبركة} على التوحيد وهو الخير النامي. {وعلى أُمَمٍ مّمَّن مَّعَكَ} وعلى أمم هم الذين معك، سموا أمماً لتحزبهم أو لتشعب الأمم منهم، أو وعلى أمم ناشئة ممن معك والمراد بهم المؤمنون لقوله: {وَأُمَمٌ سَنُمَتّعُهُمْ} أي وممن معك سنمتعهم في الدنيا. {ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} في الآخرة والمراد بهم الكفار من ذرية من معه. وقيل هم قوم هود وصالح ولوط وشعيب، والعذاب ما نزل بهم.


{تِلْكَ} إشارة إلى قصة نوح ومحلها الرفع بالابتداء وخبرها: {مِنْ أَنبَاء الغيب} أي بعضها. {نُوحِيهَا إِلَيْكَ} خبر ثان والضمير لها أي موحاة إليك، أو حال من ال {أَنْبَاء} أو هو الخبر و{مِنْ أَنْبَاء} متعلق به أو حال من الهاء في {نُوحِيهَا}. {مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هذا} خبر آخر أي مجهولة عندك وعند قومك من قبل ايحائنا إليك، أو حال من الهاء في نوحيها أو الكاف في {إِلَيْكَ} أي: جاهلاً أنت وقومك بها، وفي ذكرهم تنبيه على أنه لم يتعلمها إذ لم يخالط غيرهم وأنهم مع كثرتهم لما لم يسمعوها فكيف بواحد منهم. {فاصبر} على مشاق الرسالة وأذية القوم كما صبر نوح. {إِنَّ العاقبة} في الدنيا بالظفر وفي الآخرة بالفوز. {لّلْمُتَّقِينَ} عن الشرك والمعاصي.


{وإلى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} عطف على قوله: {نُوحاً إلى قَوْمِهِ} و{هُودًا} عطف بيان {قَالَ يَا قَوْمِ اعبدوا الله} وحده. {مَا لَكُم مّنْ إله غَيْرُهُ} وقرئ بالجر حملاً على المجرور وحده. {إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ} على الله باتخاذ الأوثان شركاء وجعلها شفعاء.
{ياقوم لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى الذى فَطَرَنِى} خاطب كل رسول به قومه إزاحة للتهمة وتمحيضاً للنصيحة فإنها لا تنجع ما دامت مشوبة بالمطامع. {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} أفلا تستعملون عقولكم فتعرفوا المحق من المبطل والصواب من الخطأ.
{وَيَا قَوْمِ استغفروا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ} اطلبوا مغفرة الله بالإِيمان ثم توسلوا إليها بالتوبة وأيضاً التبري من الغير إنما يكون بعد الإِيمان بالله والرغبة فيما عنده. {يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً} كثير الدر. {وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ} ويضاعف قوتكم، وإنما رغبهم بكثرة المطر وزيادة القوة لأنهم كانوا أصحاب زروع وعمارات. وقيل حبس الله عنهم القطر وأعقم أرحام نسائهم ثلاثين سنة فوعدهم هود عليه السلام على الإِيمان والتوبة بكثرة الأمطار وتضاعف القوة بالتناسل. {وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ} ولا تعرضوا عما أدعوكم إليه. {مُّجْرِمِينَ} مصرين على إجرامكم.
{قَالُواْ يا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيّنَةٍ} بحجة تدل على صحة دعواك وهو لفرط عنادهم وعدم اعتدادهم بما جاءهم من المعجزات. {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِى ءالِهَتِنَا} بتاركي عبادتهم. {عَن قَوْلِكَ} صادرين عن قولك حال من الضمير في تاركي. {وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} إقناط له من الإِجابة والتصديق.
{إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعتراك} ما نقول إلا قولنا {اعتراك} أي أصابك من عراه يعروه إذا أصابه. {بَعْضُ ءالِهَتِنَا بِسُوء} بجنون لسبك إياها وصدك عنها ومن ذلك تهذي وتتكلم لخرافات، والجملة مقول القول وإلا لغو لأن الاستثناء مفرغ. {قَالَ إِنِى أُشْهِدُ الله واشهدوا أَنّى بَرِئ مّمَّا تُشْرِكُونَ}.
{مِن دُونِهِ فَكِيدُونِى جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ} أجاب به عن مقالتهم الحمقاء بأن أشهد الله تعالى على براءته من آلهتهم وفراغه عن إضرارهم تأكيداً لذلك وتثبيتاً له، وأمرهم بأن يشهدوا عليه استهانة بهم، وأن يجتمعوا على الكيد في إهلاكه من غير إنظار حتى إذا اجتهدوا فيه ورأوا أنهم عجزوا عن آخرهم وهم الأقوياء الأشداء أن يضروه لم يبق لهم شبهة أن آلهتهم التي هي جماد لا يضر ولا ينفع لا تتمكن من إضراره انتقاماً منه، وهذا من جملة معجزاته فإن مواجهة الواحد الجم الغفير من الجبابرة الفتاك العطاش إلى إراقة دمه بهذا الكلام ليس إلا لثقته بالله وتثبطهم عن إضراره ليس إلا بعصمته إياه ولذلك عقبه بقوله: {إِنّى تَوَكَّلْتُ عَلَى الله رَبّي وَرَبّكُمْ} تقريراً له والمعنى أنكم وإن بذلتم غاية وسعكم لن تضروني فإني متوكل على الله واثق بكلاءته وهو مالكي ومالككم لا يحيق بي ما لم يرده، ولا يقدرون على ما لم يقدره ثم برهن عليه بقوله: {مَّا مِن دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ ءاخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} أي إلا وهو مالك لها قادر عليها يصرفها على ما يريد بها والأخذ بالنواصي تمثيل لذلك. {إِنَّ رَبّى على صراط مُّسْتَقِيمٍ} أي أنه على الحق والعدل لا يضيع عنده معتصم ولا يفوته ظالم.

7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14